سوسن العركية مشرفة
عدد الرسائل : 76 العمر : 43 مزاجك اليوم : جنسيتك : السودان السٌّمعَة : 1 تاريخ التسجيل : 18/06/2009
| موضوع: أحسن القصص > آدم عليه السلام الخميس سبتمبر 10, 2009 3:56 pm | |
| سيرته:
خلق آدم عليهالسلام:
أخبر الله سبحانه وتعالى ملائكةبأنه سيخلق بشرا خليفة في الأرض - وخليفة هنا تعني على رأس ذرية يخلف بعضها بعضا. أخبرهم على سبيل التمويه، فقالت الملائكة سائلين استكشافا واستعلاما عن الحكمة منخلق آدم، لا اعتراضا على خلقه: (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءوَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ).
ويوحي قول الملائكة هذا بأنه كان لديهم تجارب سابقة في الأرض , أوإلهام وبصيرة , يكشف لهم عن شيء من فطرة هذا المخلوق , ما يجعلهم يتوقعون أنه سيفسدفي الأرض , وأنه سيسفك الدماء . . ثم هم - بفطرة الملائكة البريئة التي لا تتصورإلا الخير المطلق - يرون التسبيح بحمد الله والتقديس له , هو وحده الغاية للوجود . . وهو متحقق بوجودهم هم , يسبحون بحمد الله ويقدسون له,ويعبدونه ولا يفترون عنعبادته !
هذه الحيرة والدهشة التي ثارت في نفوس الملائكة بعد معرفة خبر خلقآدم.. أمر جائز على الملائكة، ولا ينقص من أقدارهم شيئا، لأنهم، رغم قربهم من الله،وعبادتهم له، وتكريمه لهم، لا يزيدون على كونهم عبيدا لله، لا يشتركون معه في علمه،ولا يعرفون حكمته الخافية،ولا يعلمون الغيب . لقد خفيت عليهم حكمة اللهتعالى , في بناء هذه الأرض وعمارتها , وفي تنمية الحياة , وفي تحقيق إرادة الخالقفي تطويرها وترقيتها وتعديلها , على يد خليفة الله في أرضه . هذا الذي قد يفسدأحيانا , وقد يسفك الدماء أحيانا . عندئذ جاءهم القرار من العليم بكل شيء , والخبيربمصائر الأمور: (إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ).
وما ندرينحن كيف قال الله أو كيف يقول للملائكة. وما ندري كذلك كيف يتلقى الملائكة عنالله، فلا نعلم عنهم سوىما بلغنا من صفاتهم في كتاب الله . ولا حاجة بنا إلى الخوض في شيء من هذا الذي لا طائل وراء الخوض فيه . إنما نمضيإلى مغزى القصة ودلالتها كما يقصها القرآن .
أدركت الملائكة أن اللهسيجعل في الأرض خليفة.. وأصدر الله سبحانه وتعالى أمره إليهم تفصيلا، فقال إنهسيخلق بشرا من طين، فإذا سواه ونفخ فيه من روحه فيجب على الملائكة أن تسجد له،والمفهوم أن هذا سجود تكريم لا سجود عبادة، لأن سجود العبادة لا يكون إلا للهوحده.
جمع الله سبحانه وتعالىقبضة من تراب الأرض، فيها الأبيض والأسود والأصفر والأحمر - ولهذا يجيء الناسألوانا مختلفة - ومزج الله تعالى التراب بالماء فصار صلصالا من حمأ مسنون. تعفنالطين وانبعثت له رائحة.. وكان إبليس يمر عليه فيعجب أي شيء يصير هذاالطين؟
سجودالملائكة لآدم:
من هذا الصلصال خلق اللهتعالى آدم .. سواه بيديه سبحانه ، ونفخ فيه من روحه سبحانه .. فتحرك جسد آدم ودبتفيه الحياة.. فتح آدم عينيه فرأى الملائكة كلهم ساجدين له .. ما عدا إبليس الذي كانيقف مع الملائكة، ولكنه لم يكن منهم، لم يسجد .. فهل كان إبليس من الملائكة ؟الظاهر أنه لا . لأنه لو كان من الملائكة ما عصى . فالملائكة لا يعصون الله ماأمرهم ويفعلون ما يؤمرون . . وسيجيء أنه خلق من نار . والمأثور أن الملائكة خلق مننور . . ولكنه كان مع الملائكة وكان مأموراً بالسجود .
أما كيف كان السجود ؟ وأين؟ ومتى ؟ كل ذلك في علم الغيب عند الله . ومعرفته لا تزيد في مغزى القصة شيئاً..
فوبّخ الله سبحانه وتعالىإبليس: (قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْكُنتَ مِنَ الْعَالِينَ) . وبدلا منالتوبة والأوبة إلى الله تبارك وتعالى، ردّ إبليس بمنطق يملأه الكبر والحسد: (قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنطِينٍ). هنا صدر الأمر الإلهي العالي بطرد هذا المخلوق المتمرد القبيح: (قَالَ فَاخْرُجْمِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ) وإنزالاللعنة عليه إلى يوم الدين. ولا نعلم ما المقصود بقوله سبحانه (مِنْهَا) فهل هي الجنة ؟ أم هي السماء ؟أم هي المنزلة والمكانة التي كان قد نالها بعبادته ؟ أم هي رحمة الله . . هذا وذلكجائز لكن الأرجح رحمة الله تعالى، أو المنزلة التي كان فيها فخسرها بسبب كبرهومخالفته لربه، فلم يكن إبليس في الجنة، وحتى آدم عليه السلام لم يكن في الجنة علىالأرجح . ولا محل للجدل الكثير . فإنما هو الطرد واللعنة والغضب جزاء التمردوالتجرؤ على أمر الله الكريم .قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّأَقُولُ(84)لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْأَجْمَعِينَ (85) (ص)
هنا تحول الحسد إلى حقد . وإلى تصميم على الانتقام في نفسإبليس: (قَالَ رَبِّفَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) . واقتضت مشيئةالله للحكمة المقدرة في علمه أن يجيبه إلى ما طلب , وأن يمنحه الفرصة التيأراد. فكشف الشيطان عن هدفه الذي ينفق فيه حقده: (قَالَ فَبِعِزَّتِكَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) ويستدرك فيقول: (إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُالْمُخْلَصِينَ) فليس للشيطان أي سلطان على عباد الله المؤمنين .
وبهذا تحدد منهجه وتحدد طريقه . إنه يقسم بعزة الله ليغوين جميعالآدميين . لا يستثني إلا من ليس له عليهم سلطان . لا تطوعاً منه ولكن عجزاً عنبلوغ غايته فيهم ! وبهذا يكشف عن الحاجز بينه وبين الناجين من غوايته وكيده ; والعاصم الذي يحول بينهم وبينه . إنه عبادة الله التي تخلصهم لله . هذا هو طوقالنجاة . وحبل الحياة ! . . وكان هذا وفق إرادة الله وتقديره في الردى والنجاة . فأعلن - سبحانه - إرادته . وحدد المنهج والطريق: (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْأَجْمَعِينَ) .
فهي المعركة إذن بين الشيطان وأبناء آدم , يخوضونها على علم . والعاقبة مكشوفة لهم في وعد الله الصادق الواضح المبين . وعليهمتبعة ما يختارون لأنفسهم بعد هذا البيان . وقد شاءت رحمة الله ألا يدعهم جاهلين ولاغافلين . فأرسل إليهم المنذرين .
تعليم آدم الأسماء:
ثميروي القرآنالكريم قصة السر الإلهيالعظيم الذي أودعه الله هذاالكائن البشري , وهو يسلمه مقاليد الخلافة: (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءكُلَّهَا) . سر القدرة علىالرمز بالأسماء للمسميات . سر القدرة على تسمية الأشخاص والأشياء بأسماء يجعلها - وهي ألفاظ منطوقة - رموزا لتلك الأشخاص والأشياء المحسوسة . وهي قدرة ذات قيمة كبرىفي حياة الإنسان على الأرض . ندرك قيمتها حين نتصور الصعوبة الكبرى , لو لم يوهبالإنسان القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات , والمشقة في التفاهم والتعامل , حينيحتاج كل فرد لكي يتفاهم مع الآخرين على شيء أن يستحضر هذا الشيء بذاته أمامهمليتفاهموا بشأنه . . الشأن شأن نخلة فلا سبيل إلى التفاهم عليه إلا باستحضار جسمالنخلة ! الشأن شأن جبل . فلا سبيل إلى التفاهم عليه إلا بالذهاب إلى الجبل ! الشأنشأن فرد من الناس فلا سبيل إلى التفاهم عليه إلا بتحضير هذا الفرد من الناس . . . إنها مشقة هائلة لا تتصور معها حياة ! وإن الحياة ما كانت لتمضي في طريقها لو لميودع الله هذا الكائن القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات .
أما الملائكة فلا حاجة لهم بهذه الخاصية , لأنها لا ضرورة لها فيوظيفتهم . ومن ثم لم توهب لهم . فلما علم الله آدم هذا السر , وعرض عليهم ما عرض لميعرفوا الأسماء . لم يعرفوا كيف يضعون الرموز اللفظية للأشياء والشخوص . . وجهرواأمام هذا العجز بتسبيح ربهم , والاعتراف بعجزهم , والإقرار بحدود علمهم , وهو ماعلمهم . .ثم قام آدم بإخبارهم بأسماء الأشياء .ثم كان هذا التعقيب الذي يردهم إلى إدراك حكمة العليمالحكيم: (قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِوَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْتَكْتُمُونَ) .
أراد الله تعالى أن يقولللملائكة إنه عَـلِـمَما أبدوه من الدهشة حين أخبرهم أنه سيخلق آدم، كما علم ماكتموه من الحيرة في فهم حكمة الله، كما علم ما أخفاه إبليس من المعصية والجحود.. أدرك الملائكة أن آدم هو المخلوق الذي يعرف.. وهذا أشرف شيء فيه.. قدرته على التعلموالمعرفة.. كما فهموا السر في أنه سيصبح خليفة في الأرض، يتصرف فيها ويتحكم فيها.. بالعلم والمعرفة.. معرفة بالخالق.. وهذا ما يطلق عليه اسم الإيمان أو الإسلام.. وعلم بأسباب استعمار الأرض وتغييرها والتحكم فيها والسيادة عليها.. ويدخل في هذاالنطاق كل العلوم المادية على الأرض.
إن نجاح الإنسان في معرفة هذين الأمرين (الخالق وعلومالأرض) يكفل له حياة أرقى.. فكل من الأمرين مكمل للآخر.
سكن آدم وحواء في الجنة:
اختلفالمفسرون في كيفيةخلق حواء. ولا نعلم إن كان الله قد خلقحواء في نفس وقت خلق آدم أم بعده لكننا نعلم أن الله سبحانه وتعالى أسكنهما معا فيالجنة. لا نعرف مكان هذه الجنة. فقدسكت القرآن عنمكانها واختلف المفسرون فيها على أربعة وجوه. قال بعضهم: إنها جنة المأوى، وأنمكانها السماء. ونفى بعضهم ذلك لأنها لو كانت جنة المأوى لحرم دخولها على إبليسولما جاز فيها وقوع عصيان. وقال آخرون: إنها جنة خلقها الله لآدم وحواء. وقالأكثرهم: إنها جنة من جنات الأرض تقع في مكان مرتفع. وذهب فريق إلى التسليم في أمرهاوالتوقف.. ونحن نختار هذا الرأي. إن العبرة التي نستخلصها من مكانها لا تساوي شيئابالقياس إلى العبرة التي تستخلص مما حدث فيها.
كان الله قد سمح لآدموحواء بأن يقتربا من كل شيء وأن يستمتعا بكل شيء، ما عدا شجرة واحدة. فأطاع آدم وحواء أمر ربهما بالابتعاد عنالشجرة.غير أن آدم إنسان،والإنسان ينسى، وقلبه يتقلب، وعزمه ضعيف. واستغل إبليس إنسانية آدم وجمع كل حقده فيصدره، واستغل تكوين آدم النفسي.. وراح يثير في نفسه ويوسوس إليه: (هَلْأَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى) . وأقسم إبليس لآدم أنه صادق في نصحه لهم، ولم يكن آدم عليهالسلام بفطرته السليمة يظن أن هنالك من يقسم بالله كذبا، فضعف عزمه ونسي وأكل منالشجرة هو وحواء.
تذكر الإسرائليات أن حواء أكلت من الشجرة قبل آدم، وأنها هي التيشجعته على الأكل منها. ويستدل البعض بحديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلىالله عليه وسلم-: (لولا بنو إسرائيل لم يخنز اللحم، ولولا حواءلم تخن أنثى زوجها). إلا أن هذا الحديث لا يذكر صراحة بأن حواء هي من حث آدمعلى الأكل من الشجرة. بل إن نص القرآن لا يذكر حواء وحدها وإنما تحدثت الآيات عنالحادثة بصيغة الجمع (ذَاقَا) (فَأَكَلا) بل إن النص القرآني يذكر آدم -كمسئول عما حدث- عليهالصلاة والسلام (وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى). وهكذاأخطأ الشيطان وأخطأ آدم. أخطأ الشيطان بسبب الكبرياء، وأخطأ آدم بسبب الفضول.
لم يكد آدم ينتهي من الأكلحتى اكتشف أنهأصبحعار، وأن زوجته عارية. وبدأ هو وزوجتهيقطعان أوراق الشجر لكي يغطي بهما كل واحد منهما جسده العاري.ولمتكن لآدم تجارب سابقة في العصيان، فلم يعرف كيف يتوب، فألهمه الله سبحانه وتعالىعبارات التوبة (قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنلَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (23) (الأعرف) وأصدر الله تبارك وتعالى أمره بالهبوط من الجنة.
هبوط آدم وحواء إلى الأرض:
وهبط آدم وحواء إلى الأرض. واستغفرا ربهما وتابا إليه.فأدركته رحمة ربه التي تدرك الإنسان عندما يثوبإليها ويلوذ بها ... وأخبرهماالله أن الأرض هي مكانهما الأصلي.. يعيشان فيهما، ويموتان عليها، ويخرجان منها يومالبعث.
يتصور بعض الناس أن خطيئةآدم بعصيانه هي التي أخرجتنا من الجنة. ولولا هذه الخطيئة لكنا اليوم هناك. وهذاالتصورغير منطقيلأن الله تعالىحين شاء أن يخلق آدم قال للملائكة: "إِنِّي جَاعِلٌ فِيالأَرْضِ خَلِيفَةً" ولم يقل لهما إني جاعل في الجنةخليفة. وقد ورد في صحيحي بخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلىالله عليه وسلم- قال: (حاج موسى آدم عليهما السلام،فقال له: أنت الذي أخرجت الناس بذنبك من الجنة وأشقيتهم. قال آدم: يا موسى، أنتالذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه، أتلومني على أمر قد كتبه الله علي قبل أنيخلقني، أو قدَّره علي قبل أن يخلقني؟). قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (فحجَّ آدمُ موسى). لم يكن هبوط آدم إلى الأرض هبوط إهانة، وإنما كان هبوط كرامة كمايقول العارفون بالله. كان الله تعالى يعلم أن آدم وحواء سيأكلان من الشجرة. ويهبطانإلى الأرض. أماتجربةالسكن في الجنةفكانت ركنامن أركان الخلافة في الأرض. ليعلم آدم وحواء ويعلم جنسهما منبعدهما أن الشيطان طرد الأبوين من الجنة، وأن الطريق إلى الجنة يمر بطاعة اللهوعداء الشيطان.
هابيل وقابيل:
لا يذكر لناالمولى عزّ وجلّ في كتابه الكريم الكثير عن حياة آدم عليه السلام في الأرض. لكنالقرآن الكريم يروي قصة ابنين من أبناء آدم هما هابيل وقابيل. حين وقعت أول جريمةقتل في الأرض.
كانت حواء تلد في البطنالواحد ابنا وبنتا. وفي البطن التالي ابنا وبنتا. فيحل زواج ابن البطن الأول منالبطن الثاني.. فأراد هابيل أن يتزوج أخت قابيل، إلا أن قابيلآراد أخته لنفسه لأنها كانت أجمل من أخت هابيل. فأمرهما آدم أن يقدما قربانا، فقدم كل واحد منهما قربانا. كانهابيل صاحب غنم فقرب واحدة سمينة، بينما كان قابيل صاحب زرع فقدم حزمة من رديءزرعه. فتقبل الله منهابيلولم يتقبل منقابيل. فغضب قابيل وهدد أخاه بأن يقتله. فأجاب هابيل بأن اللهيتقبل من المتقين. وبكل حلم قال هابيل: (لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْبِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ(28) إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَمِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ(29)) (المائدة)
انتهى الحوار بينهماوانصرف الشرير وترك الطيب مؤقتا. بعد أيام.. كان الأخ الطيب نائمافقام إليه أخوه قابيل فقتله بصخرة رماهاعلى رأسه. وقيل بأن هابيل أبطأ في الرعي ذات ليلة، فذهب إليه قابيل وضربه بحديدةكانت معه. وقيل أنه خنقه خنقا شديدا وعضه كما تفعل السباع. قال رسولالله صلى الله عليه وسلم: ";لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابنآدم الأول كفل من دمها لأنه كان أول من سن القتل". جلس القاتل أمام شقيقهالملقى على الأرض. كان هذا الأخ القتيل أول إنسان يموت على الأرض.. ولم يكن دفنالموتى شيئا قد عرف بعد. وحمل الأخ جثة شقيقه وراح يمشي بها.. ثم رأى القاتل غراباحيا بجانب جثة غراب ميت. وضع الغراب الحي الغراب الميت على الأرض وساوى أجنحته إلىجواره وبدأ يحفر الأرض بمنقاره ووضعه برفق في القبر وعاد يهيل عليه التراب.. بعدهاطار في الجو وهو يصرخ. فحزن قابيل أنه عجز حتى عن معرفه ما يفعل بجثمان أخيه، فكانهذا الغراب أفضل منه.
موت آدم عليه السلام:
وكبر آدم. ومرت سنواتوسنوات.. وعن فراش موته، يرويأبي بن كعب،فقال: إن آدم لما حضره الموت قال لبنيه: أي بني، إني أشتهي من ثمار الجنة. قال: فذهبوا يطلبون له، فاستقبلتهم الملائكة ومعهم أكفانه وحنوطه، ومعهم الفؤوس والمساحيوالمكاتل، فقالوا لهم: يا بني آدم ما تريدون وما تطلبون؟ أو ما تريدون وأين تطلبون؟قالوا: أبونا مريض واشتهى من ثمار الجنة، فقالوا لهم: ارجعوا فقد قضي أبوكم. فجاءوافلما رأتهم حواء عرفتهم فلاذت بآدم، فقال: إليك عني فإني إنما أتيت من قبلك، فخليبيني وبين ملائكة ربي عز وجل. فقبضوه وغسلوه وكفنوه وحنطوه، وحفروا له ولحدوه وصلواعليه ثم أدخلوه قبره فوضعوه في قبره، ثم حثوا عليه، ثم قالوا: يا بني آدم هذهسنتكم.
وفي موته يرويالترمذي: حدثنا عبد بن حميد، حدثنا أبونعيم، حدثنا هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسولالله صلى الله عليه وسلم : "لما خلق الله آدم مسح ظهره، فسقطمن ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة، وجعل بين عيني كل إنسان منهموبيصاً من نور، ثم عرضهم على آدم فقال: أي رب من هؤلاء؟ قال: هؤلاء ذريتك، فرأىرجلاً فأعجبه وبيص ما بين عينيه، فقال: أي رب من هذا؟ قال هذا رجل من آخر الأمم منذريتك يقال له داود، قال: رب وكم جعلت عمره؟ قال ستين سنة، قال: أي رب زده من عمريأربعين سنة. فلما انقضى عمر آدم جاءه ملك الموت، قال: أو لم يبق من عمري أربعونسنة؟ قال: أو لم تعطها ابنك داود؟ قال فجحد فجحدت ذريته، ونسي آدم فنسيت ذريته،وخطىء آدم فخطئت ذريته". |
| |
|