نبي الله نوح عليه السلام قال الله عزوجل: {سورة نوح}. نسب نوح عليه السلام
هو نوح بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ - وهو إدريس - بن يرد بن مهلاييل بن قينان بن أنوش بن شيث بن ءادم أبي البشر.
وكان بين نوح وءادم عشرة قرون كما جاء ذلك في حديث ابن حبان.
وبالجملة فنوح عليه السلام أرسله الله إلى قوم يعبدون الأوثان قال تعالى إخباراً عنهم: {سورة نوح}. وقد تقدم أن هذه أسماء رجال صالحين من قوم إدريس وكان لهم رجال يقتدون بهم فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم ان انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصاباً وسموها بأسمائهم، ففعلوا فلم تعبد، حتى إذا هلك أولئك وانتسخ العلم عبدت.
بعث الله نوحاً عليه السلام إلى هؤلاء الكفار ليدعوهم إلى دين الحق وهو الإسلام والعبادة الحقة وهي عبادة الله وحده وترك عبادة غيره، وقال بهم: {سورة الأعراف}، ودعاهم نوح إلى الله بأنواع الدعوة في الليل والنهار والسر والإجهار وبالترغيب تارة وبالترهيب أخرى، لكن أكثرهم لم يؤمن بل استمروا على الضلالة والطغيان وعبادة الأوثان ونصبوا له العداوة ولمن ءامن به وتوعدوهم بالرجم: {سورة الأعراف} فأجابهم: {الأعراف} وقالوا له فيما قالوا بعد أن تعجبوا أن يكون بشر رسولا {سورة هود}. لبث سيدنا نوح عليه السلام في قومه يدعوهم إلى الإسلام ألف سنة إلا خمسين عاما قال تعالى: {سورة العنكبوت}، وكان قومه يبطشون به فيخنقونه حتى يغشى عليه، حتى تمادوا في معصيتهم وعظمت منهم الخطيئة فلا يأتي قرن إلا كان أخبث من الذي كان قبله، حتى إن كان الآخر ليقول: قد كان هذا مع ءابائنا وأجدادنا مجنونا لا يقبلون منه شيئا. ومن جملة ما قال لهم {سورة هود} أي أن الله هو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء، ولكن اليأس لم يدخل قلب نوح بل أخذ يجاهد في إبلاغ الرسالة ويبسط لهم البراهين، ولم يؤمن به إلا جماعة قليلة استجابوا لدعوته وصدقوا برسالته
بناء سيدنا نوح للسفينة ونزول العذاب بالكفار
[size=21]ثم إن الله أوحى إليه أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد ءامن قال الله تعالى: {سورة هود}، فلما يئس من إيمانهم دعا عليهم فقال: {سورة نوح} فلما شكا إلى الله واستنصره عليهم أوحى الله إليه: {الصافات}. فأقبل نوح على عمل السفينة وجعل يهىء عتاد الفلك من الخشب والحديد والقار وغيرها، وجعل قومه يمرون به وهو في عمله فيسخرون منه وكانوا لا يعرفون الفلك قبل ذلك، ويقولون: يا نوح قد صرت نجاراً بعد النبوة! وأعقم الله أرحام النساء فلا يولد لهن.
وصنع الفلك من خشب الساج وقيل غير ذلك، ويقال إن الله أمره أن يجعل طوله ثمانين ذراعاً وعرضه خمسين ذراعاً، وطوله في السماء ثلاثين ذراعاً. وقيل: كان طولها ألف ذراع ومائتي ذراع وعرضها ستمائة ذراع وقيل غير ذلك والله أعلم.
ويقال إن نوحاً جعل الفلك ثلاث طبقات: سفلى ووسطى وعليا، السفلى للدواب والوحوش، والوسطى للناس، والعليا للطير، حتى إذا فرغ منه وقد عهد الله إليه {سورة هود}، وقد جعل التنور ءاية، وقيل: كان تنوراً من أرض الهند، وقيل: بالكوفة، وأخبرته زوجته بفوران الماء من التنور، ولما فار التنور حمل نوح من أمر الله بحمله وكانوا ثمانين رجلا، وقيل غير ذلك.
وكان فيها نوح وثلاثة من بنيه سام وحام ويافث وأزواجهم وتخلف عن ابنه قيل اسمه يام وقيل كنعان وكان كافراً. ويقال إن نوحاً حمل معه جسد ءادم عليه السلام، وقال تعالى: {سورة هود}. ثم إن المطر جعل ينزل من السماء كأفواه القرب، فجعلت الوحوش يطلبن وسط الأرض هرباً من الماء حتى اجتمعت عند السفينة فحينئذ حمل فيها من كل زوجين اثنين.
لما اطمئن نوح في الفلك، وأدخل فيه من أمر به جاء الماء كما قال تعالى: {سورة القمر} والدسر:المسامير. وقوله تعالى: {سورة القمر} أي بحفضنا وحراستنا. وجعلت الفلك تجري بهم في موج كالجبال قال الله تعالى: {سورة هود}، وكذلك أن الله أرسل من السماء مطراً لم تعهده الأرض قبله وأمر الأرض فنبعت من جميع فجاجها، ونادى نوح ابنه الذي هلك وكان في معزل: {سورة هود} وكان كافراً خالف أباه في دينه، {سورة هود}. قال جماعة من المفسرين: أرسل الله المطر أربعين يوماً، ويقال : إنهم ركبوا فيها لعشر ليال مضين من رجب وخرجوا منها يوم عاشوراء من المحرم، وكان الماء نصفين نصفاً من السماء ونصفاً من الأرض وقد ارتفع الماء على أعلى جبل في الأرض قيل: خمسة عشر ذراعاً، وقيل ثمانين والله أعلم، وقد عم جميع الأرض سهلها وحزنها وجبالها وقفارها، فلم يبق على وجه الأرض أحد ممن عبد غير الله عزوجل، قال تعالى: {سورة الأعراف}. وطافت السفينة بالأرض كلها لا تستقر حتى أتت الحرم فدارت حوله اسبوعاً، ثم ذهبت في الأرض تسير بهم حتى انتهت إلى جبل الجودي وهو بأرض الموصل فاستقرت عليه. قال تعالى: {سورة هود}. ثم لما غاض الماء أي نقص عما كان وأمكن السعي فيها والاستقرار عليها هبط نوح ومن معه من السفينة التي استقرت بعد سيرها على ظهر جبل الجودي قال تعالى : {سورة هود}.
ثم إن نسل أهل السفينة انقرضوا غير نسل ولده فالناس كلهم من ولد نوح، ولم يُجعل لأحد ممن كان معه من المؤمنين نسل ولا عقب سوى نوح عليه السلام، قال تعالى: {سورة الصافات}، فكل من على وجه الأرض اليوم من سائر أجناس بني ءادم ينسبون إلى أولاد نوح الثلاثة.
روى الإمام أحمد عن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال(سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم)) رواه الترمذي عن سمرة مرفوعاً بنحوه، وقيل: المراد بالروم هنا الروم الأول وهم اليونان، وروى عن سعيد بن المسيب أنه قال: ((ولد نوح ثلاثة: سام ويافث وحام، وولد كل واحد من هؤلاء الثلاثة ثلاثة: فولد سام العرب وفارس والروم، وولد يافث الترك والصقالبة ويأجوج ومأجوج، وولد حام: القبط والسودان والبربر)