محمد مشرف
عدد الرسائل : 58 العمر : 50 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 14/10/2008
| موضوع: 10 همسات في " فقه الاحتساب " الخميس يوليو 02, 2009 9:26 pm | |
| | 10 همسات في \" فقه الاحتساب \" | | عبد الرحمن بن محمد السيد | مدخل : كتبتُ موضوعاً سابقاً بعنوان \" تطبيع الاحتساب .. بينَ الحقيقةِ والمأمول \" ، وهوَ منشورٌ في موقعيْ صيدِ الفوائدِ وشبكةِ القلمِ الفكرية ، أشرتُ فيهِ إلى ضرورةِ تطبيع \" فقه الاحتساب \" وتثبيتهِ في قلوبِ طلبةِ العلمِ والدعاةِ قبلَ عامةِ الناس ؛ فكتبَ إليّ أحدُ الإخوةِ يسألُ عن فقهِ الاحتسابِ وماهيّتِه ، فأجبتهُ إجابةً سريعة حينها ، ثم إنّي رأيتُ أن أكتبَ عشرَ همساتٍ في هذا الشأن ، تذكيراً للعالمِ ، وتعليماً للجاهل ، وتنبيهاً للغافل ..
همساتٌ تقولُ بقولِ الله : ( وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ .. الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) .
همساتٌ تنادي : إنّ القيامَ بشعيرةِ الاحتساب لم يعُد بتلكَ البساطةِ والوضوح التي كانَ عليها المجتمعُ في الأمسِ القريب ، بل إنهُ أصبحَ من الضروريِّ والمهمِّ أن تكونَ عمليةُ الاِحتسابِ عمليةً مدروسةً منظّمة بقدرِ ما أصبحت فيهِ المنكراتُ الآن من تعقيدٍ ونفوذٍ في الحياةِ والمجتمع .
همساتٌ تُعلِن : إنّ عمليةَ الاِحتسابِ أصبحت علماً وفقهاً ينبغي دراستهُ وإتقانهُ بحكمةٍ وحِنكةٍ ووضوح ، حتى تؤتي ثمارها ، وتتحققَ الغايةُ من القيامِ بها ، ويحصلَ المقصودُ منَ الاحتسابِ والإنكار {وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ }الأعراف164 .
وإنِّي لأرى الشرفَ مترنِّماً متربِّعاً على مُحيّاكم ، فاللهمّ اِجعلهم خيراً مما أظنّ ..
الهمسةُ الأولى : يا أبناءَ الإسلام .. خذوها ربّانية : {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ }آل عمران110 ، ( فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ *وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ) (هود117,116) ، فالأمرُ بالمعروفِ والنهيِ عنِ المنكرِ سببُ الخيرية ، ووسيلة النجاة من العذابِ الدنيويِّ والأخرويّ ، يقول سيد قطب – رحمه الله – في ظلاله : ( وبهذا تعلم أن دعاة الإصلاح المناهضون للطغيان والظلم والفساد هم صمام الأمان للأمم والشعوب ، وهذا يبرز قيمة كفاح المكافحين للخير والصلاح الواقفين للظلم والفساد ، إنهم لا يؤدون واجبهم لربهم ولدينهم فحسب ، إنما هم يحولون بهذا دون أم مهم وغضب الله واستحقاق النكال والضياع ) .
الهمسةُ الثانية : إنّ العملَ بما يدعو إليهِ المحتسب ليسَ شرطاً للقيامِ بواجبِ الاِحتساب ، ومما يدلّ على هذا ما رواه الإمامان أحمد والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : \" من يأخذ عني هؤلاء الكلمات فيعمل بهن أو يعلم من يعمل بهن ؟ فقال أبو هريرة رضي الله عنه : \" قلت : أنا يا رسول الله \". فأخذ بيدي , فعدَّ خمساً , وقال : \" اتق المحارم تكن أعبد الناس , وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس , وأحسن إلى جارك تكن مؤمناً , وأحب للناس ما تحبّ لنفسك تكن مسلماً , ولا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب \".
ومما نجده في هذا الحديث الشريف أن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم لم يجعل العمل بما جاء في هذا الحديث شرطاً لتعليم ما جاء فيه ؛ بل قال عليه الصلاة والسلام : \" فيعمل بهن أو يعلّم من يعمل بهن\"..
كما ذكرَ الحافظ الذهبي – رحمه الله – في سيَرِ أعلامِ النبلاء : عن أبي وائل عن أبي الدرداء رضي الله عنه : \" إني لآمركم بالأمر وما أفعله , ولكن لعلَّ الله يأجرُني فيه \" , ولعلّ ترك أبي الدرداء رضي الله عنه ذلك كان لعذرٍ معقول .. والله تعالى أعلم .
ولكن مع هذا كلِّه؛ ينبغي أن يكونَ الإنسانُ مجتنباً ما ينهى الناسَ عنهُ ، ممتثلاً ما يؤمرُ الناسَ به ، حتى يكونَ ذلك أدعى للقبولِ والاِستجابة وتجنُّبِ سخطِ اللهِ تعالى وغضبِه .
الهمسةُ الثالثة : أيْ حُماةَ الثغور .. إن من فقهِ الاِحتسابِ وأدبِه : دعاءُ المحتسِبِ لِنفسِهِ وللمُحتسَبِ عليهم ، فالمحتسبُ هوَ أحوجُ ما يكونُ إلى تأييدِ اللهِ تعالى ونصرتِهِ وتوفيقِه ، ومن تأملّ تاريخَ الأنبياءِ وسيرتِهم تجلَّى لهُ ذلكَ وبدا ، { قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } ، { قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ } ، وأما دعاؤهُ للمحتَسَبِ عليهم؛ فهوَ لا يخلو من حالين :
- إما أن يكونوا مسلمين : فالدعاءُ لهم مشروعٌ ومندوب سواءٌ استجابوا أم لا ، ويكونُ أولى وأحقّ لمنِ أطاعَ واستجاب ، كما دعا النبيُّ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ بالمغفرة للمحلِّقينَ والمقصِّرينَ في حجةِ الوداع ، وأما من لم يستجب من المسلمينَ وتعدّى على المحتسبينَ بضربٍ أو شتمٍ أو أذىً أو ظلم ، فإنّ للمحتسبِ حقَّ الدعاءِ عليهم ترخُّصاً بقول الله تعالى : { لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا } .
تــــــــــــابـــــــع
|
| |
|
محمد مشرف
عدد الرسائل : 58 العمر : 50 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 14/10/2008
| |